حرب ” الكلمة الأخيرة”
قد يكون الجهد الذي يبذله الأهل لتعليم أولادهم التفاوض و “الأخذ و العطاء” هو أكثر ما يساهم في تكوين شخصية الطفل و إعادة تكوين شخصية الأهل على السواء .
التربية هي فن التكثير من الخيارات ، و كلما كانت الخيارات المطروحة أمام الطفل أكثر في لحظة الاصطدام معه ، كلما سمح لنا و له بالتفاوض .
من المُقلِقْ أن يفرح الأهل بطفلٍ ” يسمع الكلمة بدون نقاش” فذلك دليل على غياب المرونة لدى الطرفين ، دليل على أن الطفل قطع الأمل بمرونة ممكنة لدى الأهل ، لأن كل طفل هو مشاكس بطبعه و لا يقبل بسهولة الشروط المفروضة .
الطفل الصعب هو الذي لا يكتفي بخيار أو خيارين ، إنه يضع الأهل أمام حقيقةِ ضيق خياراتهم و خيالهم ، فيزيد فيهم الغضب و التعصب و الحدية.
إذا أردنا لأولادنا أن يبنوا علاقة عميقة معنا على المدى الطويل ، لابد من أن نظهِر الكثير من المرونة و القبول بتغيير المواقف ، لأن الحدة الدائمة تصنع طفلاً حدياً قاسياً لا يعرف الحوار و لا التفاوض ، و تؤكد للأهل سلطةً وهميةً سرعان ما يهرب منها الأبناء بمجرد ما سنحت لهم الفرصة .
أن يصمم الأهل على أن يكونوا – منتصرين – أصحاب “الكلمة الأخيرة” في كل صدام مع الأولاد هو تماماً أحد أهم الأسباب الأساسية لغياب ما يسمى ” ديموقراطية ” في مجتمعات كمجتمعاتنا ، لأن الديموقراطية تنفي وجود مصطلح ” الكلمة الأخيرة” فلكل كلمته التي سيأتي دوره ليقولها ، فيتناوب كل طرف على قول كلمته بدون إحساس بالانتصار ولا إحساس بالهزيمة .
ابني تحت مراقبتي و ليس تحت سيطرتي .
ابني ليس تلميذاً في مدرستي عليّ أن أفرض عليه أسلوبي .
ابني وأنا ، تلميذان أبديان في مدرسة لا تنته أبداً و بلا أساتذة .
ابني شريكي في وطنٍ صغير يسمى ” البيت”.