تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يشارك في الاحتفال الديني بذكرى المولد النبوي الشريف في جامع سعد بن معاذ الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتكليف الدكتور محمد غازي الجلالي بتشكيل الوزارة في سورية.. الرئيس الأسد يهنئ الرئيس تبون بفوزه في الانتخابات الرئاسية الجزائرية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً تشريعياً برفع نسبة تعيين الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية في الجهات ال... روسيا تطالب بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي الذي ينتهك السيادة السورية الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتعديل المواد المتعلقة بالعملية الانتخابية لغرف التجارة وغرف التجارة والصن... الرئيس الأسد يترأس اجتماعاً للقيادة المركزية.. وبحثٌ لدور كتلة الحزب داخل مجلس الشعب اللجنة العليا للاستيعاب الجامعي تقرر قبول الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية بفروعها كافة في الجامعات... الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب: مجلسكم هو المؤسسة الأهم في مؤسسات الدولة وتأثيره لن يكون ملموساً إن لم... بحضور عرنوس وعدد من الوزراء.. ورشة عمل حوارية حول التغيرات المناخية وسبل مواجهتها

ألف شمس مشرقة….

*الأديبة فاطمة صالح صالح:
(415 ) صفحة، أنهيتٌ قراءتها بسرعةٍ قياسية، بالنسبةِ لقراءاتي البطيئة نسبياً. كانت عيناي وروحي تتسابق لمعرفة المزيد من أحداث الرواية، شغوفةً ومعجبةً بأسلوب الكاتب، إلى حَدٍّ كبير. ( خالد الحسيني ) الكاتب الأفغاني الذي قرأتٌ له سابقاً ( عَدّاء الطائرة الورقية) ها أنا أغامر وأقرأ له روايةً أخرى، شَدّني إلى قراءتها، اسمٌ الكاتب، وإعجابٌ صديقاتي القارئات الشديد بها.
تتحدث الروايةٌ عن معاناةِ الأفغانيين من عدة حروبٍ قاسية جَرتْ عليهم، من الغزو السوفييتي وفظائعه، من ذبحٍ وقطعِ رؤوسٍ وقذائف صاروخية كانت تٌمطِر العاصمة كابول وغيرها من المدن والمناطق الأفغانية. لكنّ الكاتبَ يشيرٌ إلى إيجابية واحدةٍ قام بها السوفييت في أفغانستان، وهي فرْضٌ تعليمِ المرأة وإعطائها حرّيتها.
وبعدَ إخراج السوفييت من أفغانستان، يتفاءل الشعب، لكن ( المجاهدين ) الذين رأوا أنفسهم يملكون السلاح، ولم يعٌد لديهم عدوّ يحاربونه، اتجهوا إلى القتال بينهم، وعادتِ البلادٌ لتعاني الأمرّين من الحرب الضروس بين الإخوةِ الأعداء، وفرضِ قيودٍ على أفراد المجتمع، خصوصاً المرأة التي حرّموا عليها التعليمَ وحتى الخروجَ خارج بيتها من دون مَحرم، وهي تلبس البٌرقع الذي لايٌظهر من جسمها سوى العينين التين ترى الخارج بهما من خلال شبكةِ نسيجٍ سوداء مخرّمة.
ويشرح الكاتبٌ الظروفَ العالمية المرافقة لزمنِ روايته، ومنها انهيارٌ برجَيّ التجارة العالمية في أمريكا، ودون مقدمات، يتهم الأمريكان العربَ والمسلمين، ويبرز اسمٌ ( أسامة بن لادن ) وتعلنٌ أمريكا الحربَ على العربِ والمسلمين، وتحتلّ أفغانستان، ويتفاءل بعضٌ السذّج أن الأمريكان سيخلّصوهم من ( الإسلامويين) و ( طالبان ) لكن الاحتلال الأمريكي ارتكب الفظائعَ، من قتلٍ وقصفٍ وصواريخ تتساقط على كابول، وغيرها، وتدخل قواتٌ حفظ السلام الدولي، un ، وال ngo.. ويٌخفي ( طالبان ) ( أسامة بن لادن ) الذي لجأ إليهم.
يختصرُ الكاتبُ معاناةَ المرأة في تلك الظروفِ من خلال شخصيّتين نسائيتين، ( مريم ) و ( ليلى )..
( نانا ) كانت خادمة في بيت ثريّ له ثلاثُ زوجات، وبيتٌ كبيرٌ جداً وأولاد كثيرون وحديقة، كما يملك سينما وأشياءَ أخرى، حَبلت الخادمةُ نانا من معلّمها ( جليل ) وعندما شاهدت زوجاته أنّ بطنها ينتفخ، طرَدنها من البيت، لتسكنَ في كولبا مهترئة في منطقة نائية معزولة، تلدُ ابنتها لوحدِها بعد عذابٍ شديد وآلام، أطلقتْ على الطفلةِ اسمَ ( مريم ) المبارك، كان ذلك عام 1959م. تكبرُ البنتُ في حضنِ أمها ورعايتها، ويتردّد جليل بين فترة وأخرى عليهما ليرى ابنته ( ابنة الحرام ) التي لايعترف بها، ولم يسجّلها كابنةٍ له، لكنه كان يحبها جداُ، ويُحضر لها الهدايا ويُجلسها على ركبته ويحكي لها الحكايا لعدّة ساعات، قبل أن يودّعها على أملِ لقاءٍ قريب تترقبه مريمُ بمنتهى الشوق. لكن عندما تموت الأم نانا انتحاراً، وتبقى مريم ذاتُ الخمسةَ عشرَ عاماً، وحيدة، يصطحبها جَليل إلى بيته ويسكنها في الطابق العلويّ، يفصلها عن أبنائه وبناته، ولايعترف بأنها ابنتُه، لكن بناته وزوجاته يغرْنَ منها ويتوجّسنَ أن يضمّها جَليل ويعترف بأبوته لها، فيفكّرنَ بطريقة للتخلصِ النهائي منها، بموافقةِ جَليل، ويرتأينَ أنّ صانعَ الأحذية الأرمل ( رشيد ) الذي يكبرها بعشرات السنين، يناسبها للزواج، فترفض بشكلٍ قاطع، لكنّ الجميعَ يضغط عليها، وجَليل يراقبُ بصمت، وعندما تستنجدُ بجليل ليقول معها لا لهذا الزواج، يصمت، تبكي بكاءً مُراً، ويرافقها جليل إلى موقف الحافلات حيث ستسافر بصحبةِ زوجها رشيد.  دون أن يستجيب لاستجدائها له بعدَم استكمال هذا الزواج.. دون جدوى.
يأخذها رشيد إلى مكان بعيد جداً، في مدينة أخرى، ويسكنان هناك في بيتٍ رديء تنظفه مريم. وعندما تحْبَل، يفرح كثيرا ويدلّلها على طريقته، بينما هي تمقته، لكنها عندما تجهض يتأثر كثيراً، ويصبح قاسياً جداً معها. يضربها ويسجنها دون ماءٍ أو طعام، يجلدها. ويعترضُ على كلّ ماتفعله، ومرّة حَشى فمَها بكميةٍ من الحصى عقوبةً لها لأنّ الأرز لم يكن ناضجاً كما يجب.
وكان عليها أن ترتدي البُرقع إذا خرجت مرة معه إلى السوق، تتعثر بأطرافه، وتجد صعوبة جداً في الرؤية من خلال السّتار.
———-
ليلى، وُلدت لأبوين متنورين، أدخلها أبوها المدرسة، وراحَ يشجعها على الدراسة لتنالَ الشهادات العالية، وهذه فرصتُها للتعلم، التي قد لاتتكرر، وكان يشرح لها الكثير من المعارف التي حصَل عليها، من خارج منهاج المدرسة، كان يصطحبها بين حينٍ وآخر، هي وصديق طفولتها المحَبّب ( طارق) الذي يملك ساقاً واحدة والأخرى بُتِرت في أحد التفجيرات في الحروب، يصطحبهما إلى أماكن أثرية وسياحية، ليريهما جمالَ بلادهما وغناها بالكنوز، ويحدّثهما أنها كانت تعجّ بالكتّاب والشعراء والفنانين والمكتبات العامة والمسارح، ويحكي لهما عن الشعوب التي غزتها سابقا، ويريهما الآثار، ليجعلَ ليلى تحصل على علوم ومعارفَ كثيرة إضافةً لما تتعلّمه في المدرسة.
عندما اشتدّت الحربُ وكثرَ الدمارُ، والقذائفُ التي كانت تتساقط عليهم كالمطر، قرّر والدا ليلى اللجوءَ إلى باكستان، الأكثر أمانا، وكان طارق – حبيب ليلى – قد سبقهم في اللجوءِ، بعد وداع حميميّ بينهما، ووعد ليلى بالعودة ليتزوجها.
جمعوا مالايستطيعون الاستغناءَ عنه، وانتظروا أمام بيتهم لتأتي المركبة التي ستقلهم، لكنّ تفجيراً إرهابياً بصاروخ سقط بينهم وأرداهم أشلاءً، ليلى رأت جذعَ أبيها بلا رأسٍ وأمها ممزّقة، وهي كانت تئنّ تحت الركام، لكن صانع الأحذية( رشيد) زوج مريم، استطاع سَحبها بصعوبة، ونقلها إلى بيته وراح يعتني بها هو وزوجته حتى شفيت.
كانت ليلى قد شعرت بأعراض الوحام، فحارت ماذا تفعل، وطارق غائب، فلما نوى ( رشيد ) أن يتزوجها، وقال لمريم أن تسألها رأيها، فوجئت مريم بموافقة ليلى، وقالت لها: لو أنني أعرف أنك ستقبلين الزواجَ برشيد، ما كنتُ اعتنيتُ بكِ كلّ هذا الاعتناء حتى شفيتِ.. تزوجها رشيد كالوحشِ مع الفريسة، كانت تقرفُ منه في كلّ شيء، شكله، ورائحة فمه الكريهة وأسنانه البارزة القذرة وثيابه النتنة.
كان رشيد سيجعل من مريم خادمة لليلى، لكن مريم هدّدتها بقوة : لن أصبحَ لكِ خادمة.. عندما وَلدَت ليلى، تركها تحمل طفلتها ودخل البيت أمامها، وصارَ يقسو عليها كما يقسو على مريم، ومرةً ضربها بشدة، وأدماها، وهي تحمل عزيزة التي كان يكرهها لأنها أنثى، ثم اتجه إلى مريم وهو يزمجر ويرغي ويزبد، مهدّداً متوعّداً، مُتهماً إياها بإفساد ليلى وجعلِها عنيدة، فاندفعتْ ليلى وهي تحمل عزيزة، لتمنعه بكل ما أوتيتْ من قوة من ضربِ مريم، نافيةً أن يكون لها أي دورٍ في عنادِ ليلى، وعندما تراجَعَ رشيد عن ضربِ مريم، بكتْ مريم، وصارت تحنّ على ليلى وابنتِها قائلةً: لم يدافعْ عني أحدٌ، سابقاً… ومن حينها وهما تتعاملان ليس كضرتين، بل كشقيقتين، او كأم وابنتها وحفيدتها.
تحبَل ليلى من رشيد، وتتردّد بأن تجهض فليس لها قابليةٌ للارتباط برشيد بأيّ شيء، لكن غريزة الأمومةِ تطغى، وعندما وَلدتْ ذكراً، طارَ رشيد من الفرح وأسماهُ ( زلماي ) وعلّمه القسوةَ والوقاحة، دون دورٍ لأمه في تربيته.
عندما عَلم رشيد بعودة طارق، عشيقِ زوجته إلى البلاد، وأنها اجتمعت به في بيتها وتحتَ أنظارِ ولدَيها ومريم، هَجَم عليها ضرباً بالسياط، وسالَ الدّم غزيراً من فمها وجميع جسمها ورأسها، ثم أخذ يضغط على عنقها بكل قوته، حتى ازرقت ليلى وكادت تموت، عند ذلك تناولت مريم الرفش وانهالت على رشيد ضرباً، كي يترك ليلى، وعندما رأته يزيد ضغطه على عنقها بكلتا يديه وليلى تمد لسانها وتلوي عنقها، رفعت مريمُ الرفشَ إلى أعلى، وبكل ماأوتيتْ من قوة دقّت رأسَهُ فسال دمُه ومات.
فأرسلتْ مريمُ ليلى وزلماي إلى الميتم الذي كانوا قد وضعوا فيه عزيزة كي لاتموتَ من الجوع، وسلّمتْ هي نفسَها إلى السلطات واعترفتْ بأنها مَن قتلتْ زوجَها دفاعاً عن ضرّتها ليلى التي كان يخنقها، لكنّ شيئاً لم يشفعْ لها، فأعدَموها بدمٍ بارد.
والتقتْ ليلى وولداها بحبيبها طارق، بعدَ أن أخبرته حقيقةَ أنّ عزيزة ابنتُه، فتزوجا، وعاشا حياةً متفاهمة سعيدة كلّ منهما يقوم بما يستطيع القيامَ به، كمساهمةٍ في نهوضِ البلاد، وتتذكّر ليلى قولَ أبيها: سيحتاجُكِ الوطنُ، يوماً ياليلى.. فكوني على قدرِ المسؤولية.
يُمزّق ليلى أنّ لوردات الحربِ الذين قتلوا أبويها، قد سُمِحَ لهم بالعودة إلى كابول واستلام مسؤوليات فيها، لكنها لن تجعل الحقدَ يثبّطُ من عزيمتها لعملِ كل مايمكن عمله من أجلِ قيامةِ الوطن.
————————————-

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات