طرطوس-دارين محمود حسن:

في الوقت الذي يتعالى فيه صوت المواطن إثر ارتفاع أسعار بيض المائدة ولحم الفروج، حيث باتا طبقاً مدللاً ونادراً على موائد أغلب الأسر السورية، يرتفع أيضاً صوت المربي، وذلك إثر ارتفاع أسعار مستلزمات التربية، وغياب الدعم والتسويق ما أدى إلى عزوف العديد من المربين في محافظة طرطوس عن التربية تزامناً مع اعتكاف عدد كبير من مربي القطاع الخاص على مستوى القطر، وخروج بعض المنشآت التابعة للمؤسسة العامة للدواجن عن الخدمة بسبب الحرب التي تدور رحاها على الأرض السورية، وبهذا كيف هو واقع قطاع الدواجن في محافظة طرطوس ..؟ وما أهمية مشروع توسيع وتحديث منشأة دواجن طرطوس “زاهد” والمزايا التي يتمتع بها، وأين وصلت نسبة التنفيذ..؟ وما النتائج التي سوف يحققها على مستوى المنشأة والسوق والمواطن؟.

صعوبات ومقترحات
مرتضى محمود صاحب مدجنة لبيع لحم الفروج في الصفاصيف “العوينات”، حدّثنا قائلاً: أملك مدجنة بمساحة 400 متر، طابقين، أربي 6-7 أفواج في السنة حوالي 9 آلاف طير بتكلفة 25 مليون ليرة، الإنتاج جيد، لكن التسويق سيىء، فلا توجد جهة تسويقية تنصف المربي، ومن جهتي أسوق إنتاجي عن طريق معتمد، وذلك حسب العرض والطلب، منوهاً إلى أن تكلفة كيلو لحم الفروج 625 ليرة، ويتم بيعه حسب تسعيرة السوق بـ 630 ليرة، وبهذا نحن نخسر بالتربية بسبب عدم وجود رقابة، متسائلاً: هل يعقل أن يكون سعر طن العلف 260 ليرة وكيلو الفروج بـ600 ليرة، كما أشار إلى عدم وجود دعم من الجهات المعنية، فلا دعم بالأعلاف، أو حتى بالمازوت …! وإن خسرنا نخسر بالملايين، مقترحاً وجود مسلخ في المحافظة يصنّف البضاعة حسب نظافتها بحيث لا يترك السوق للمحتكرين والمتلاعبين، ووجود مسؤول عن السوق يعرف تكلفة الفروج، ويعطي هامش ربح للمربي، وأن يتم تسعير العلف بشكل نظامي، لافتاً إلى وجود احتكار للصويا.

1785 مدجنة مرخصة
ومن جهته بيّن المهندس محمد حسن رئيس دائرة الإنتاج الحيواني في زراعة طرطوس أن عدد المداجن المرخصة على مستوى المحافظة وصل حتى تاريخ 19/9/ 2016 إلى 1785 مدجنة، في حين وصل عدد المداجن غير المرخصة حتى التاريخ نفسه لحوالي 250 مدجنة، ولفت حسن إلى وجود عزوف عن التربية بسبب الخسائر الناتجة عن تسويق الفروج، وارتفاع أسعار العلف، ومستلزمات تربية الفروج(أدوية ولقاحات)، وتنتشر المداجن غير المرخصة في الأماكن التي لا تحقق شروط الترخيص المنصوص عنها في القرارات الناظمة كالقرار 88/ت (القرب من الحراج ومناطق التنظيم والحماية)، ولم يزد عدد المداجن غير المرخصة عن العام الماضي لأن العديد من المداجن غير المرخصة تمت تسوية وضعها بناء على البلاغ /9/، وبالتالي حصولهم على رخص وفق القوانين والأنظمة.

عزوف عن التربية
ورداً على سؤالنا حول صعوبات منح الترخيص للمداجن في المحافظة، أجاب المهندس حسن أن السبب يعود إلى وجود العقارات الحراجية الصغيرة التي لا تحقق البعد المطلوب 75 م لترخيص المداجن وفق القوانين، وصغر الحيازات وتشتتها والتجمعات السكنية المنتشرة في كل أنحاء المحافظة، وعزا وجود مداجن غير مرخصة إلى عدم تحقيق شروط المسافات مثل البعد عن معمل أو مقصف سياحي أو سكن، كما عزا حسن ارتفاع سعر بيض المائدة إلى خروج قسم من المربين عن التربية بسبب خسائرهم السابقة، أما بالنسبة لفروج اللحم فسعره منخفض وبسعر الكلفة.

انتعاش تربية الدجاج المنزلي
لكن هل تنتعش تربية الدجاج في المنازل، لا سيما في الأرياف تزامناً مع ظروف الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة على الأسر، إضافة إلى أن هذه التربية تلبي الاحتياجات الخاصة، وتساعد في تأمين احتياجات السوق إلى جانب المربين أصحاب المداجن؟.. أكد حسن أن تربية الدجاج في المنازل والأرياف انتشرت، واعتقد أن النسبة تزداد بسبب ارتفاع سعر البيض.

تشجيع التربية
ولإعادة تشجيع المربين على تربية الفروج لرفد السوق المحلية من مادتي البيض ولحم الفروج، رأى رئيس دائرة الإنتاج الحيواني أن تخفيض المسافة من 75 م وفق القرارات المعمول بها إلى 10 م، يساعد في دخول قسم كبير من المربين في عمل المداجن، كما أن تخفيض المسافة من 300 م وفق ما نص عليه القرار 88/ت إلى 200 م يساعد في زيادة عدد المداجن وتحسين مستوى معيشة بعض العائلات.

نفوق ضمن الحدود الطبيعية
وبدوره أشار الدكتور، منير أحمد، رئيس قسم الثروة الحيوانية في زراعة طرطوس، إلى عدم ظهور أي جائحة مرضية في قطاع الدواجن، وحالات النفوق إثر موجة الحر التي اجتاحت القطر في الأسبوع الأول من آب هي ضمن الحدود الطبيعية، مضيفاً: يقوم الفنيون البيطريون الموجودون في الوحدات الإرشادية بتحصين قطعان الدجاج المنزلي بشكل دوري ومجاني، كما تمت مراقبة الوضع الصحي لقطعان الدواجن خلال موجة الحر الأخيرة من خلال الإيعاز إلى كافة الفنيين البيطريين العاملين في الوحدات الإرشادية والمراكز البيطرية لمراقبة الوضع الصحي وإعلامنا عن أي حالة نفوق.

بانتظار القروض
تنفيذاً لتوجه الحكومة ورؤيتها لتطوير القطاع الزراعي ومعالجة التحديات التي تعترضه بما ينعكس إيجاباً على المواطن والأسر الريفية الفقيرة، أطلق المشروع قروضاً لتمويل مشروعات لتربية دجاج بيض بقيمة 200 ألف ليرة سورية للقرض، وتم البدء بالمنح في محافظة السويداء، حيث تم منح 10 أسر، ماذا عن محافظة طرطوس ..؟ أجاب رئيس قسم الثروة الحيوانية: لم تردنا أي تعليمات أو كتب بهذا الخصوص.

تناقص الإنتاج
وبالانتقال للحديث عن واقع منشأة دواجن طرطوس، وأهمية توسيع وتطوير المنشأة، “مشروع زاهد” ومزاياه، التقينا المهندس محمد إبراهيم مدير المنشأة، حيث لفت بداية إلى أن إنتاج المنشأة يشابه الدجاج البلدي، وذلك لأن الخلطة العلفية المقدمة للطيور مدروسة وخالية من المنتجات الحيوانية، ومنذ عام 2014 بدأ العمل في مشروع زاهد وما زال، ووصلت نسبة التنفيذ بالمشروع إلى 80{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e}، لذلك فإن أعمال التربية في المشروع “مكان التطوير والتحديث” متوقفة، أما في القسم الأول/ منطقة بيت عليان/يوجد فوج واحد /36/ ألف فرخة بياضة منتجة، نسبة إنتاجه جيدة، وبالتالي لم نتمكن هذا العام من تحقيق الخطة الإنتاجية بسبب أعمال التوسيع في المنشأة، ما أدى إلى تناقص الإنتاج هذا العام عن العام الماضي، وقد وصل إنتاج المنشأة من بيض المائدة للنصف الأول من هذا العام إلى مليوني بيضة فقط لفوج واحد في القسم القديم من المنشأة التي لم يجر عليها أي تحديث أو تطوير.

أهمية مشروع زاهد
وأوضح المهندس إبراهيم أن المنشأة تقوم بتحديث وتطوير أعمالها من حيث تحويل حظائر التربية الأرضية في المشروع إلى تربية آلية مؤتمتة، وذلك لزيادة الطاقة الإنتاجية من 19 مليون بيضة سنوياً إلى 54 مليون بيضة، وبالتالي يمكن أن يحقق إنتاجها استهلاك المحافظة، بزيادة ثلاثة أضعاف عما كانت عليه، وذلك لسهولة التربية، وسهولة مراقبة القطيع، والتخلص من العديد من الأمراض التي تنتقل عن طريق فرشة الطيور عند التربية الأرضية، وسيتم استيعاب 240 ألف صوص في العام القادم.

ارتفاع مستلزمات الإنتاج
وحول تأمين الأعلاف، وكيف يتم التسعير، وما المعيار الذي يحكم عملية التسعير، أفاد المهندس إبراهيم: يتم إجراء مناقصات لتأمين المواد العلفية من القطاع الخاص، أما مادة النخالة فيتم شراؤها من فرع أعلاف طرطوس، ويصل سعر طبق البيض هذه الفترة إلى 1450 ليرة، ويتم التسعير بعد سبر سعر السوق، حيث إن هناك لجنة لتحديد السعر، وبالاتفاق مع تموين طرطوس، بحيث يكون أقل من سعر القطاع الخاص بحدود 100 ليرة، والمعيار الذي يحكم عملية التسعير هو العرض والطلب، فالعرض قليل هذه الفترة، والطلب كبير، وأعاد إبراهيم الزيادة في سعر طبق البيض إلى اعتكاف بعض مربي القطاع الخاص عن التربية بسبب ارتفاع مستلزمات التربية العالي، ولاسيما الأعلاف، حيث ارتفعت مستلزمات الإنتاج هذا العام بحدود 20-30{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e} عن الفترة نفسها من العام الماضي، بالإضافة إلى خروج بعض المنشآت التابعة للمؤسسة العامة للدواجن بسبب الحرب الجائرة.
وعن التسويق، وصعوبة افتتاح منافذ بيع بيض المائدة للمواطنين في مناطق المحافظة، بيّن مدير منشأة دواجن طرطوس بأن التسويق يتم للقطاع العام بنسبة 50{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e}، ولصالتي بيع البيض التابعتين للمنشأة بما يقارب 20{844ffa2143412ea891528b2f55ebeeea4f4149805fd1a42d4f9cdf945aea8d4e}، والباقي للقطاع الخاص، مضيفاً: عندما يتم دخول مشروع التوسيع بالاستثمار الكامل، وهذا متوقع بداية العام القادم، سنقوم بدراسة إمكانية افتتاح صالات بيع في مراكز المدن التابعة للمحافظة.

إيرادات وتوقعات
وحول الإيرادات التي حققتها المنشأة للنصف الأول من هذا العام، وترتيب المنشأة من حيث إنتاج بيض المائدة على مستوى المؤسسة العامة للدواجن، أجاب المهندس إبراهيم: بلغت قيمة الإيرادات للنصف الأول من هذا العام 52 مليون ليرة سورية، وهو رقم مشابه للفترة نفسها من العام الماضي، وبعد الانتهاء من أعمال التوسع والتحديث بالمنشأة، سوف تكون من المنشآت الأولى من حيث إنتاج بيض المائدة، حيث من المتوقع أن يكون الإنتاج 50 مليون بيضة سنوياً.
وأكد مدير منشأة دواجن طرطوس عدم وقوع خسائر جرّاء موجة الحر في آب المنصرم، وذلك لاتباع إجراءات لتخفيف حدة الحر، ولفت إبراهيم إلى الصعوبات التي تعاني منها المنشأة كارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل هائل، وعدم استقرارها، ما يؤثر على زيادة تكلفة وحدة المنتج، (بيضة المائدة).

بالمحصلة
لعودة التربية نضم صوتنا لصوت المربين بضرورة دعم المربي بالأعلاف، والمازوت، وإيجاد جهة تسويقية تنصف المربي، بإعطائه هامش ربح معقولاً، لتعم الفائدة على المربي والمواطن بآن واحد، كما يأمل المواطنون بافتتاح منافذ بيع بيض المائدة في مناطق المحافظة لتخليصهم من حيتان السوق.

بانوراما طرطوس-البعث