برد الشتاء… وقصصه التي لاتنتهي.. أجل فهو يتسلل إلى أجسادنا.. يسحب دفئها.. نرتعش منه وقد نتألم.. ويسكن المرض في أوصالنا كما العادة.. بالرغم من هذا فهو فصل الخير والعطاء.. والمطر.. ولن ننسى تجمعنا حول المدفأة والسهرات الجميلة.. تلك اللحظات تكون مميزة، إنه فصل مميز بكل شيئ… ولكن الأمر كان مختلف مع تلك العائلة في ذاك الحي.. يبدو أن برد الشتاء كان قاسيا” عليهم أكثر من اللازم… فلا مدفأة يوقدونها بلاثمن يدفع غاليا”.. هي أم وأطفالها.. يقضمهم البرد القارس.. وثمة من يبيعها الوقود للمدفأة.. ولكن.. ماالثمن… عيناه القذرتان لاتملان النظر لإبنتها الصغيرة لم تبلغ من العمر الرابعة عشر.. لم تكن تلك المرأة تستطيع أن تدفع كامل الأجر.. وكان يصبرها بذلك أن تدفع له على أقساط.. ومع مرور الأيام تراكمت تلك الأقساط كثيرا”… والمال بين يديها شحيح جدا”… يكاد لايكفي شراء الخبز والدواء.. وبدأ يتذمر منها.. فهو لم يمهلها عن طيب نية.. حاولت أن تستدين المال ولكن على مايبدو لم يقرضها أحد.. قد عرف كيف ينصب فخه هذا اللئيم .. جعلها وأولاها تقبع تحت كومة من الديون… ولا يمل التذمر والمطالبة بماله منها.. وبعد مرور عدة أسابيع.. روى أحدهم بأنه شاهد الفتاة المسكينة تصعد في سيارته وقد إرتدت لباسا” لايليق بطفلة… هل كان يتوجب أن يدفع للدفئ ذاك الثمن..؟! وكيف لهذه الفتاة أن تنسى وتنعم بدفئ مدفأتها وقد أكلت تلك النيران من روحها… (ضحت من أجل إخوتها..) وهل لطفلة بسنها أن تدخل معترك التضحية الذي لانهاية له.. من المخطئ.. ومن الجاني..