بعد اجتماعين متتاليين للجنة تنفيذ السياسة النقدية في مصرف سورية المركزي ومناقشة تعديل أسعار الفائدة التي تدفعها المصارف على الودائع بالليرة وحسابات شهادات الاستثمار وودائع التوفير، وودائع العملات الأجنبية بالدولار الأمريكي أو باليورو، تشير توقعات إلى أن المصرف المركزي قد يتراجع عن هذه الخطوة مع إبقاء الحال على ما هو عليه.
ومصدر هذه التوقعات أن حسابات اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء لم تتطابق مع حسابات المصرف المركزي بأن هذه الإجراء سيسهم في جذب الإيداعات ورؤوس الأموال من الخارج وتوظيفها لدى المصارف العاملة في القطر، بل حسب مصادر مصرفية مطلعة ستؤدي هذه الخطوة إلى رفع الأسعار وارتفاع التكاليف وفي مقدمتها تكلفة القروض التي تمنحها المصارف.
أحد السيناريوهات التي وضعتها لجنة تنفيذ السياسة النقدية في مصرف سورية المركزي لرفع أسعار الفائدة كان يقضي برفع السعر المرجعي من 7{ae2208bec36715d67341bbae7042be5eb679cae37ba24c471ad449c2c03dcc11} المعمول به حالياً إلى 8,5{ae2208bec36715d67341bbae7042be5eb679cae37ba24c471ad449c2c03dcc11} مع ترك هامش حرية واسع للمصارف بتحديد الأسعار التي تزيد على هذا السعر في حال رغبت في ذلك بما يتناسب مع السيولة لديها، لكن هذا السيناريو حسب المصادر لم يلق توافقاً كاملاً أثناء عرضه بصيغة قرار لمجلس النقد والتسليف على اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، ليُعاد إلى المصرف المركزي من دون موافقة.
ويرى متابعون أن خطوة المصرف المركزي باتجاه رفع أسعار الفائدة على الودائع بالليرة والقطع الأجنبي جيدة وتسهم في جذب السيولة إلى المصارف، لكنها تنطوي على مخاطر عديدة، أهمها أن المصارف العامة لا تزال في طور استعادة نشاطها المعهود قبل الحرب، لذلك فهي تركز حالياً على تحقيق أرباح بعد 9 سنوات توقفت خلالها جميع أشكال التوظيف ولاسيما الإقراض، لذلك مُنيت المصارف بخسائر بسبب الفوائد التي تترتب على الودائع وهي أعلى بكثير من عوائد التوظيف، ناهيك بتكاليف الخدمات المصرفية الأخرى التي تقدمها لزبائنها، ومن جهة أخرى إن أي رفع لأسعار الفائدة اليوم سيؤثر في النمو الاقتصادي ويرفع من تكلفة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي، بل على العكس تماماً إن خفض السعر المرجعي الحالي قد يسهم في تقليص الدين العام وتعزيز النشاط الاقتصادي، كما أن رفع أسعار الفائدة سيترتب عليه الكثير من النتائج السلبية في مقدمتها ارتفاع تكلفة الاقتراض، وربما ارتفاع أسعار بعض السلع والمواد التي تخدم مرحلة إعادة الإعمار، لذلك ليس المهم جذب السيولة وإنما كيفية توظيفها مقابل عوائد مجدية تنقل المصارف إلى حالة الربح بدلاً من الخسارة.
يُشار إلى أن لجنة تنفيذ السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس النقد والتسليف والمشكلة بموجب قرار مجلس النقد والتسليف رقم 31/م.ن تاريخ 11/4/2019 عقدت مؤخراً اجتماعين ناقشت فيهما العديد من المواضيع، أهمها دراسة أثر تطبيق قرار مجلس النقد والتسليف رقم 91 تاريخ 5/7/2018 القاضي بتعديل معدلات الفائدة على الودائع بالليرة السورية، كذلك وضع سيناريوهات مختلفة لتعديل تلك المعدلات، وبيان أثرها في إيداعات المصارف العاملة وتسهيلاتها الائتمانية.
تشرين