يؤرق فصل الشتاء المواطن لما يحمله من أعباء ومعاناة، إذ لم يعد وقود التدفئة في متناول الجميع، فالأوضاع المعيشية تلقي بثقلها على المواطن مرغمة إياه على البحث عن بدائل قد تكون خطرة وذات ضرر، فيلجأ معظم المواطنين الذين لم يستطيعوا الحصول على مخصصاتهم من الوقود إلى استخدام مادة الحطب في التدفئة لأن أسعارها مقبولة وتنتشر في الأسواق بعدة أنواع.
تقول أم أحمد إنها تعمل طوال فصل الصيف في حياكة الملابس الصوفية ليرتديها أولادها فهي تستخدم الملابس والأغطية الصوفية والجوارب بديلاً عن المدافىء والوقود الذي لا تستطيع شراءها نظراً لغلاء ثمنه.
أما رضوان الذي يعمل في منشرة أخشاب فيقول إنه يستخدم بقايا الأخشاب ويضعها في مدفأة تعمل باحتراق مختلف أنواع الأخشاب والحطب والفحم، مضيفاً: بالرغم من الروائح التي تفوح من جراء هذا الاحتراق فإن هذه هي الإمكانات المتاحة لنتخلص نوعاً ما من برد الشتاء القارس.
الحطب هو البديل
تحتاج كل عائلة يومياً بمعدل وسطي إلى 4 ليترات من مادة المازوت التي يصل سعرها إلى 1500 ليرة وهو مبلغ يمكن أن يعده البعض كبيراً، لذلك، فان العديد من المواطنين يلجؤون إلى إشعال الحطب واستبدال مدافئهم التي كانت تعمل على المازوت بأخرى تعمل على الحطب.
أبو خالد صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائبة قال:إن نسبة بيع المدافىء ارتفعت هذا العام بسبب ارتفاع أسعار المازوت وعدم تمكن جميع المواطنين من الحصول عليه.
محمد خير لبابيدي- مدرب تنمية بشرية أجاب لدى سؤالنا لماذا بات المواطن يبحث عن بدائل فقال: إن الإنسان له متطلبات وحاجات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، والشعور بالدفء وقت الشتاء واحدة منها وهو يسعى إليها بكل الطرق بدءاً من الأيسر والأسهل، فإن تعسر الأيسر والأسهل لجأ إلى طرق أصعب أو حتى أخطر.
ونظراً لمرور بلادنا بأزمة وقود نتيجة الحرب الظالمة وحالة الحصار المفروضة، ناهيك بغلاء الأسعار وقلة ذات يده، لجأ المواطن للبحث عن بدائل للتدفئة فاستعاض عن الطرق السهلة المريحة ( الكهرباء– المازوت– الغاز) بطرق أخرى وربما بدائية وكثيراً ما تكون للأسف ضارة بالصحة والبيئة كالتدفئة على الحطب وأوراق الشجر والورق والنايلون وحتى القمامة في الأماكن المكشوفة والريفية، فالمهم عند المواطن هو الحصول على الدفء، وعلى الجهات المعنية تأمين هذا الدفء بالطرق السليمة والصحية، كما ينبغي على المواطن ترشيد استخدامه مصادر الطاقة كي لا يخسرها ويضطر للبحث عن بدائل ربما تكون بعيدة كل البعد عن توافر الشروط الصحية والبيئية فيها.
هل هذه البدائل كافية؟
حسب خبير التنمية البشرية فإن هذه البدائل ليست كافية، فلا شيء يغني، ونحن في القرن الواحد والعشرين، عن التدفئة الصحية عن طريق الطاقة النظيفة – الكهرباء – وكذلك المازوت وبدرجة أقل الغاز، ولكن الضرورات تبيح المحظورات كما يقال، ففي كثير من المناطق وخاصة في الأرياف للأسف تم قطع أشجار معمرة واستعمالها حطباً للتدفئة، وهذا أمر محزن.
الحلول
ترشيد استهلاك الوقود والاستعداد بشكل جيد قبل فترة لموسم الشتاء والاعتماد أيضاً على الملابس التي تعطي الجسم الدفء وخاصة للأطفال، وكذلك تغطية الأطفال بالبطانيات أثناء جلوسهم في المنزل وعدم تركهم مكشوفين، كل هذا حسب لبابيدي لا يغني عن ضرورة تأمين وسائل التدفئة لجميع المواطنين وحثهم على الاعتدال في استخدامها كي تدوم.
تشرين