تخطى إلى المحتوى
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يبحث مع الأمير محمد بن سلمان العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها البيان الختامي للقمة العربية في البحرين: وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فوراً ورفع الحصار عنه بمشاركة الرئيس الأسد.. انعقاد أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين في المنامة مجلس الوزراء: إطلاق حوارات مهنية مع الاتحادات والنقابات والمنظمات وتعزيز التواصل مع الفعاليات المجتم... أمام الرئيس الأسد.. محافظو دير الزور وريف دمشق وحماة والسويداء الجدد يؤدون اليمين القانونية الرئيس الأسد يستقبل الدكتورة حنان بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتحديد الـ 15 من تموز القادم موعداً لانتخابات أعضاء مجلس الشعب بمشاركة سورية… غداً انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ 33 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بإحداث “الشركة العامة للطرق والمشاريع المائية” الرئيس الأسد يبحث مع الفياض تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب وضبط الحدود

«تمهيد طرطوس» حول استثمار المرفأ

لم يقع السوريون فريسة سهلة لحالة «التوجس» ذي الطبيعة الاجتنابية الحادة، فخلال الحرب، لطالما وجدوا أنفسهم مراراً وتكراراً أمام نكوص لا سابق له في البديهيات الإنسانية بعدما ارتكبت بحقهم جرائم لا تخطر على بال، دفعت باستعدادهم النفسي إلى إغلاق الأبواب «وقائياً» أمام العالم، خوفاً من خسارة ما لم تستطع الحرب اقتناصه منهم.
بعضنا اليوم، يكاد يفضل إغلاق الأبواب خوفاً مما خلفها، الشخصية السورية «المتوجسة» هذه، تتناقض جذرياً مع حالها قبل الحرب ولآلاف السنين، وقد يكرس تمسكها بهذا الطراز من «التوجس» لأكثر مما ينبغي، قوة عطالة قد تطيح بما بذل من أثمان زكية لاستعادة حقوقها التاريخية في جغرافيتها التي ينبض في صحاريها القلب الاقتصادي للعالم، على حين ترتسم على موانئها، خطوط عرض وطول قرنه الجديد.
استثمار مرفأ طرطوس، آخر نماذجنا من ذلك «التوجس الاجتنابي»، يستولد مشهداً لما قد يواجهه الإصلاح البنيوي كضرورة اجتماعية، من عوائق اجتماعية تتغذى في معظمها من سوء الإحاطة بالنماذج الاستثمارية العالمية، الأمر الذي يعزز الحاجة إلى جهد مؤسسي ومجتمعي يأخذ على عاتقه إشاعة فهم دقيق لطبيعة الاقتصاد الوطني القادم، وما يتطلبه من أطر جديدة تتعاطى من الجغرافية كمورد أساسي للتنمية.. الجغرافية، هذا القطاع الشره إلى تمويلات عملاقة لا تتوافر محلياً.
كما المتوقع، اقتصر بيان وزارة النقل حول تثمير ميناء طرطوس على التعابير الدبلوماسية والقانونية، مفضلاً لفظة «التنافس» لتوصيف «حرب الموانئ» وامتداداتها الجغرافية غرب آسيا، في الواقع، وبطريقة غاية في المباشرة، يجدر النظر إلى تشغيل مرفأ طرطوس عبر شركة عالمية صديقة، كعلامة متقدمة في تلك الحرب التي ستتكفل نتائجها برسم معالم الاقتصاد الوطني والإقليمي.
وطنياً، الأكثر إثارة في انطلاق عملية تطوير المرافق الحيوية السورية، وفي مقدمها المرافئ، هو أسبقيتها على استثمار وتطوير الموارد الطاقوية بحراً وبراً، هذا الأمر يشيع إحساساً عارماً بالنيّات إلى استعادة الجغرافية السورية لقبولها العالمي مرتكزة إلى جدواها التجارية المبرهنة في استيلاد إمبراطوريات العالم القديم ضمن بيئات صحراوية خالية، ليس من الموارد الطبيعية فحسب، بل من أولويات البنى الأساسية لولادة الحواضر البشرية: تدمر مثالاً.
أن يبدي الروسي اهتماماً كبيراً بتطوير الموانئ السورية، قبل أيام من استدراك صيني لإشراك سورية في مبادرة «الحزام والطريق»، فهذا يعني ولادة جديدة في أحضان العالم الجديد، ترتكز إلى مشيمة جغرافية غارقة في الزمن.
على الصعيد الإقليمي، تشهد «حرب الموانئ وامتداداتها البرية» اليوم إحدى ذراها، وللاستدلال على ذلك، يكفي تتبع حركية المعابر البرية التي تتفرع من الموانئ السورية إلى دول الجوار: مع الأردن في «نصيب»، ومع العراق في البوكمال!..
في الواقع، فهذا الأخير ورغم المحاولات المستميتة لافتتاحه تبعاً لحاجات الاقتصاد العراقي، فأمره لا يزال معلقاً بنيّات بريطانيا في هندسة التجارة العالمية شرق المتوسط ومن ضمنها مسارات الربط بين موانئ المتوسط بالخليج العربي.. ثمة رفض علني لفعل ذلك عبر الجغرافيتين السورية والعراقية.
هذه اللمحة من الحرب التجارية شرق المتوسط ستستتبع نماذج مبتكرة من التعاقدات التي تعيد للجغرافية السورية حقوقها التاريخية، لهذا الأمر، فمن المؤكد أننا مقبلون على المئات من التعاقدات الشبيهة بميناء طرطوس، تتم صياغتها وفق شروط غاية في التنوع والتعقيد، وقد يتخذ بعضها شكلاً من المناطق الحرة المتخصصة، وأخرى تنموية اقتصادية تخضع لقوانين خاصة تشجيعاً لتدفق صناديق الاستثمار الصديق.
وما لم نقرر التخلي عن تطلعاتنا باستثمار مستقبلنا الاقتصادي الذي جعلته التضحيات الجسام أمراّ متاحاً بعد 5 قرون من العزل، يجب علينا التحضير جيداً جداً لتلك المرحلة «نفسياً وتشريعياً»، منعاً لمواجهة متعاكسة قوامها: «الانتصار عسكرياً/ الهزيمة اقتصادياً»، وخوفاً من البعد المرهف لـ«عامل الزمن» الذي ينقلب من ميزة إلى عائق تتراكم مضاعفاته مع كل استثمار أو مشروع أو مبادرة جديدة.

الوطن

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp
Print

إقرأ أيضامقالات مشابهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

تابعونا على فيس بوك

مقالات