بانوراما سورية- عبد العزيز محسن:
لم يكن خبراً عادياً تكريم السيد الرئيس بشار الأسد لعمال مطحنة تشرين مؤخراً.. فأولئك العمال كانوا فعلاً “قد التحدي” وكسبوا الرهان بإنجاز المهمات التي أوكلهم بها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك د. عمرو سالم في إعادة تأهيل المطحنة ورفع طاقتها الانتاجية من /70/ طن الى /400/ طن قمح مطحون يومياً وفي وقت قياسي موفرين بذلك مئات الملايين لصالح خزينة الدولة وضامنين استمرار إمداد الافران العامة والخاصة من مادة الطحين.. فاستحقوا بذلك الشكر والتقدير والتكريم من مقام الرئاسة.. وهو بلا شك تكريماً معنوياً قبل أن يكون مادياً ويُشكل حافزاً مهماً لهم ولغيرهم من كوادر وعمال مؤسساتنا العامة للاجتهاد وتقديم اقصى ما لديهم من امكانات وجهد مخلص لتحسين واقع العملية الانتاجية وتحسين بيئة وظروف العمل.
وما يلفت الانتباه في هذا الموضوع هو المتابعة والاهتمام الكبير من قبل الوزارة والذي تجلى في أمرين اساسيين: الأول هو توفير المستلزمات الفنية واللوجستية لإنجاح عملية إعادة التأهيل، والأمر الثاني نقل تفاصيل هذا الحدث إلى مقام الرئاسة ومتابعتها لتفاصيل الحدث أولاً بأول حتى اتمامه وإنجازه فكان هذا التكريم وهذا التقدير لجهود جميع كوادر وعمال المطحنة.. الأمر الذي يدل على حجم ومستوى الاهتمام والتقدير لأي جهد استثنائي متميز سواء على المستوى الفردي او على مستوى العمل الجماعي، وبالتالي يمكن التأكيد بأن ما حدث يُعتبر مثالاً يُحتذى به ودافعاً قوياً لمن يجتهد ويعمل بصدق وإخلاص بأنه يمكن أن يحصل على التقدير والتكريم لقاء ما قام به.. وهذا يشكل -بطبيعة الحال- حالة إيجابية وثقافة عمل جديدة يجب ان تترسخ وتنتشر في مؤسساتنا العامة التي تعاني معظم إداراتها للأسف الشديد من ترهلات بيروقراطية ومن إهمال كبير “وربما مقصود” للكفاءات الموجودة لناحية عدم إعطاءها الدور المناسب وعدم تحريضها وتشجيعها على العمل والابداع والابتكار رغم الحاجة الماسة لدورها في عملية التنمية وزيادة الانتاج.. والأمثلة كثيرة من حولنا عن حالات محاربة بعض الإدارات للعقول والأيادي الخبيرة والنظيفة واستبعادها عن مسرح العمل وإفساح المجال امام أشخاص غير أكفاء وبالتالي استمرار تدهور الواقع الإداري والانتاجي في الوقت الذي نحن في امس الحاجة لأي جهد للارتقاء في العمل..
نعيد التأكيد بأن السبيل الوحيد لتطوير أداء مؤسساتنا هو تطبيق مبدأ الرقابة والمحاسبة الحقيقية.. بمعاقبة من يخطئ بشكل مقصود او متعمد وبمكافئة وتكريم من يعمل بجد واجتهاد.. وهنا من واجب الجهات الوصائية تكريم وتشجيع من يعمل ويبدع، وايضا من واجب الإعلام الإضاءة على حالات الإنجاز والإبداع لإبرازها ونشرها على أوسع نطاق والمساعدة في تعميم هذه الثقافة في مؤسساتنا وفي أوساط مجتمعنا..