للأسف بدأنا نلمس تراجعاً واضحاً في حجم المساهمات والمساعدات المقدمة من المؤسسات والجمعيات وافراد المجتمع الأهلي الى الأسر المحتاجة ( عائلات فقيرة- ذوي الشهداء والجرحى والمفقودين- الأسر المنكوبة والمهجرة….)، وبطبيعة الحال يعود سبب هذا التراجع الى مجموعة من العوامل من بينها الوضع الاقتصادي العام في البلد والذي يؤثر سلباً على بعض الداعمين “مؤسسات وأفراد” وهذه حقيقة ملموسة.. ولكني أرى بالمقابل أن العامل الرئيسي الأكثر تأثيراً في هذا التراجع هو تراجع حجم الاهتمام وتقلص الجهد المبذول من قبل المسؤولين والقائمين والمشرفين على ادارة هذا الملف.. وهذه ايضا حقيقة ملموسة..
نعلم أن العديد المؤسسات والجمعيات لديها انشطة اجتماعية ولديها برامج للمساعدة في مختلف المناطق، ولكنها لا تزال محدودة التأثير ودورها دون الطموح ولا يلبي الحدود الدنيا من حجم الاستجابة المطلوبة، ناهيك عن ابتعاد أكثرها عن المعايير الموضوعية في تصنيف الأسر المحتاجة وافتقارها للمرونة اللازمة وتسلل الروتين والبيروقراطية والشخصنة الى مفاصل عملها في الكثير من الأحيان.. ونحن هنا لا نريد التعميم ولا الدخول في تفاصيل حالات خاصة، ولكن الفكرة هنا للتنويه بضرورة مضاعفة الاهتمام والتدقيق وزيادة الحرص على عدم ترك هذا الملف “يبرد” ويتلاشى… في الوقت الذي يجب تفعيله وتنشيطه إلى أقصى درجة ممكنة نظراً للضرورة وللحاجة الاجتماعية الماسة.. وبالتالي فأن أي زيادة اهتمام أو أي جهد إضافي سيقابله بالتأكيد تحقيق نتائج أفضل والعكس صحيح..
وفي الجانب الآخر.. لا تقتصر شريحة الداعمين على المؤسسات والجمعيات، بل هناك أدوار أخرى شخصية لأفراد من المجتمع الأهلي وللفعاليات الاقتصادية، ونلاحظ بأن هذا الدور يتفاوت في التأثير وفي الفعالية ما بين منطقة ومنطقة أخرى وما بين محافظة ومحافظة أخرى.. وهو ايضا بحاجة الى من يفعله وينشطه أكثر وأكثر.. وهناك الكثير من رجال الأعمال على استعداد لتقديم الدعم والمساعدة إذا ما اقتنعوا ووثقوا بأن ما سيقدمونه سيصل الى الوجهة الصحيحة، وهنا دور الوجهاء والشخصيات ذات المكانة المحترمة والمرموقة في المجتمع للتدخل كجهة داعمة وراعية وضامنة في إيصال الأمانات الى مستحقيها..
إنها مسؤوليتنا جميعاً.. دولة ومؤسسات وأفراد.. ولكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المحافظ بحكم صلاحياته وواجباته الأدبية والأخلاقية من موقعه ومكانته في محافظته.. فمن مهامه ومن واجبه إعطاء الأولوية المطلقة لهذا الملف وإدارته الملف بدقة عالية من خلال تفعيل عمل لجنة الإغاثة الفرعية ومكاتب الشهداء والجرحى ومديرية الشؤون الاجتماعية والمجالس المحلية، وعبر تنشيط دور المجتمع الأهلي والجمعيات والفعاليات الاجتماعية والدينية والاقتصادية، وتوزيع الأدوار فيما بينها والإشراف المباشر على العمل والتدخل بفرض بعض الاجراءات والتدابير الاستثنائية عند الضرورة..
وبناءً على هذه المعطيات ومن خلال ما نلمسه من نشاطات ومن أعمال ومن خلال الصدى والنتائج على الأرض، وبعيداً عن الأمثلة والأسماء بإمكاننا الاستدلال والاستنتاج بسهولة عن حجم التقصير وعن حجم الإنجاز ايضا في عمل كل محافظة في الملف الإغاثي والاجتماعي، حيث لمسنا في الآونة الأخيرة تراجعاً في أداء بعض المحافظات في الجانب الإغاثي والاجتماعي بمقابل تسجيل تقدماً ملموساً في محافظات أخرى.. وطبعا كما ذكرت يعود السبب إلى درجة اهتمام المحافظ وقدرته على إدارة هذا الملف بذكاء وحكمة ومرونة وبكسره للأنماط التقليدية المتبعة، وباعتماده على بدائل مبتكرة ترتكز على تفعيل وتنشيط دور المجتمع الأهلي من خلال شراكات اجتماعية واقتصادية للتخفيف ما أمكن من معاناة العائلات المحتاجة والسعي لإقامة مشاريع تنموية تشاركية مولدة لفرص العمل وتنعكس إيجاباً على مستوى الدخل المادي للعائلات في كافة المناطق..
بانوراما سورية