دمشق-وفاء فرج:
ربط الكثيرون اسباب خسائر القطاع العام الصناعي بالإدارات المتعاقبة على هذا القطاع والتي من وجهة نظرهم كانت العامل الاساسي في الخسارة كونها لم تستطع ادارة العملية الانتاجية بشكل يحقق الريعية الاقتصادية ما دفع المعنيين الى اقتراح العديد من الاليات والسياسات والتجارب لتخليص هذا القطاع من خسائره ومنها فصل الادارة عن الملكية والإدارة بالأهداف وإنشاء شركات قابضة وغيرها من السياسات التي اثبت تطبيق البعض منها فشله لاسيما مايطبق حاليا من تطعيم لمجالس الادارات بأعضاء من خارج المؤسسة العامة واغلبهم من القطاع الخاص بهدف الاستفادة من خبرته متناسيين ان القطاع الخاص منافس للعام ولايمكنه تقديم سياسة تحقق ريعية للمؤسسات الانتاجية يعتبرها على حسابه وبالتالي لم نستفد من كل ماتم وضعه من سياسات وبقيت الامور في القطاع الصناعي من سيء الى اسوأ وعلى العكس اصبحت المبادرة من ادارة ما لتحسين واقع شركة معينة او مؤسسة تحارب بالعزل والإقصاء تحت مسميات وحجج واهية ما انزل الله بها من سلطان .
عزوز: الادارة عصب اساسي في نجاح مؤسسة انتاجية
فمن وجهة نظر الدكتور عبد القادر عزوز الاستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق ( ان الادارة هي عصب اساسي في نجاح أي مؤسسة انتاجية من خلال قيامها بوظائفها ووفق معايير ادارية واضحة من حيث التخطيط والتنظيم والتنسيق والإشراف والتوجه في عملية التنفيذ والرقابة المستمرة واللاحقة وغياب هذا الامر ينعكس على عدم تجويد صناعة القرار الاداري وسوء توزيع وعدم تخطيط جيد للموارد المادية والبشرية في المؤسسة الانتاجية مؤكدا ان الاداري يجب ان يكون سياسيا ناجحا لديه بعد افق وليس معزولا عن محيطه وعن المتغيرات الخارجية )
هذا الواقع للقطاع العام الصناعي يجعلنا نتساءل عن الالية التي يتم فيها انتقاء المدراء في حال كانت الادارة وراء خسائر الشركات وعن الية تقييمهم وعن كيفية اجرائها ووفق اية معايير تتم وأين تحقيق المؤشرات الرقمية من ذلك وهل هناك فعلا معايير وما مدى نزاهة القائمين على التقييم اسئلة فرضها الواقع الذي يشهده حاليا القطاع الصناعي العام بكل مؤسساته وشركاته من تخبط في اختيار الادارات وكيفية عزلها ؟!!
الربحية والميزانية معيار اساسي للتقييم
الدكتور عزوز يرى ان ذلك(يعود الى غياب المعايير وغياب الية الترقية على مستوى العاملين في الادارات والجهات التنفيذية وغياب معايير لتقييم الادارة ككل سواء بناء على نسبة ما تحقق من مبيعات وإنتاج ومدى ما تحققمن ميزانيات ختامية وربحية وإدارة الجودة وضبطها وهل المنتج مطابق لمعايير الجودة والتي تعتبر المؤشر الأساسي للتقييم , وهل المؤسسة تقدم خدمات مابعد الانتاج من صيانة وخدمة المسؤولية القانونية والضمان ووجود منافذ ومراكز توزيع عندما يكون دورها ليس فقط ا نتاجي وإنما تسويقي. )
متغيرات لا تخدم القطاع
وبالعودة الى مايشهده القطاع الصناعي هذه الايام ,نرى انه خلال مدة لا تتجاوز الاشهر شهد هذا القطاع حركة عزل واستبدال ادارات كثيرة النادر منها مبرر والأغلبية غير مبررة خاصة انه عندما يتم اختيار عزل ادارة وإتيان بإدارة اخرى منها ما هو محجوز على امواله المنقولة وغير المنقولة وعليه تقارير تفتيشية توضع على هرم المؤسسة العامة للصناعات النسيجية لتعزل اخرى دون وجود مسوغات, كما يتم تعيين ادارة لإحدى المؤسسات وهي الاسمنت لا علاقة لها بما كلفت به وبجوهر العمل الانتاجي ومارست الهدر والتبذير حيث بلغ فقط كقيمة عفش وفناجين قهوة وكاسات شاي نحو 7 ملايين ليرة ولولا الشكاوى الكثيرة من قبل العاملين التي وصلت مسمع الجهات العليا لم يتم انهاء تكليفها ناهيك عن عرقلتها لعمل الشركات التابعة لها بلغ حد وقف وصول مستلزماتها الانتاجية اليها
والأغرب من ذلك ولانجد له تبريرا هو انهاء تكليف مدير الشركة العامة لاسمنت طرطوس رغم تحقيقه ارباحا تجاوزت المليار ليرة وأطفئ خسائر الشركة من ارباحها خلال الازمة للأعوام التي سبقت الازمة وضبط انفاقها وحد من الهدر حيث وفر اكثر من 230 مليون ليرة في عام واحد ليتم تكليف ادارة اخرى تم عزلها سابقا لأسباب تعود لفشلها في ادارة معمل الورق في نفس الشركة وتخسيره رغم انه معمل حديث الانشاء لم يتجاوز الخمس سنوات فهل كل هذه التغييرات تخدم مصلحة القطاع الصناعي بمؤسساته وشركاته خاصة اننا عندما سئلنا وزارة الصناعة عن الهدف من هذه التغييرات طالما انها تؤدي الى مزيد من خسارة القطاع اجابت ان التغيير كان خارج عن ارادتها وقد فرض عليها فرضا.
ازمة بنيوية في النظام الانتاجي ليست وليدة الاحداث
وفق مايرى الدكتور عبد القادر ان هناك ازمة (بنيوية في النظام الانتاجي ليست وليدة الاحداث)لافتا الى وجود معايير لاختيار الادارات مبنية على مبدأين(الاول المساواة والثاني الاستحقاق على اساس الكفاءة والجدارة ) مبينا ان نجاح أي ادارة او مؤسسة او شركة مرتبط بتكامل جملة (من العناصر من بنى مادية تتعلق بتجديد خطوط الانتاج ومواكبة التقدم التكنولوجي والمادي ومترافقا مع المورد البشري كمورد يعطي قيمة مضافة من خلال مستوى التأهيل والتدريب وسرعة تكيفه واستيعابه للتكنولوجيا الحديثة وضبط الهدر والحد من الانفاق غير المبرر اضافة الى وجود خطة تسويقية تتكامل فيها عوامل المزيج التسويقي من السعر والمنتج ووسائل الترويج المناسبة وإيجاد منافذ توزيع لتنشيط دورة الانتاج بشكل مستمر ويقف على راس هذه العوامل وجود ادارة تأخذ بعين الحسبان المر دودية والعائد الاقتصادي وتفكر بمنطق ادارة الجودة الشاملة فيما يتعلق بمطابقة المنتج للمواصفات والمعايير كنهج عمل والاستمرار بضبط الجودة بشكل مستمر)
في النهاية نستنتج ان هناك غياب واضح لمعايير اختيار وتقييم الادارات ظهر جليا في قرارات وزارة الصناعة الاخيرة فليس العمل والإنتاج ومؤشر الربحية هي المعايير الوحيدة، وإنما معايير اخرى تقوم على تدخلات ومحسوبيات لا علاقة لها بالعمل وانما بالمصالح الخاصة.
2014/3/19