مصائب قومٌ عند قومٍ فوائدُ, وفي كل أزمة هناك منتفعون كثر, ما إن يسمعوا ببصيص أزمة حتى يكشروا عن أنيابهم ويبرزوا كل أسلحة الاحتكار والجشع, نعم إنهم تجار الأزمة, قديمي عهد ولكنهم باتوا الآن يصولون ويجولون في الأسواق والمتاجر وعلى عينك يا تاجر, فاليوم ما نشهده من أزمات غاز وكهرباء وتدفئة وما إلى ذلك جعل الكثيرين يستغلون ذلك ليبيعوا بأسعار خيالية, وقد بدا ذلك جلياً من خلال ارتفاع سعر أسطوانة الغاز إلى 10000ليرة سورية عند البعض, وكذلك انتشار سوق البطاريات والمولدات بأسعار جنونية أحياناً كبديل عن الكهرباء التي ما إن نرى نورها حتى تنقطع.
استغلال الحاجات
و للأسف لا نستطيع أن نختبئ وراء خيال إصبعنا ونقول أن الحق على المواطن الذي يشتري بأسعار مرتفعة ليدعم هؤلاء التجار, لأنه لا يملك رفاهية الاختيار فإما الحرمان أو أن يشتري وفق الشروط. وفي هذا الصدد يشير الخبير الاقتصادي محمد كوسا في حديث خاص له مع “سينسيريا” أنه من المفروض أولاً النظر إلى متطلبات السوق إذا كانت في تزايد, وهل يلبى هذا التزايد في زمانه ومكانه, إضافة إلى تحديد ما هو مطلوب تحقيقه بالسلع الجودة أم الكمية, وما مدى الاحتياج إلى هذه السلعة أو تلك, أي هل هي من السلع الأساسية ومتطلبات العيش, لأنه وبالتدقيق نجد أن كل احتكار وكل جشع يطال هذه السلع هو نتيجة لنقصها, فيتسابق التجار لتأمينها استغلالاً لهذه الحاجة.
كما أضاف كوسا إلى أن هؤلاء التجار استغلوا الظروف الحالية من حصار وأزمة, بالإضافة إلى استغلال القانون وثغراته في الحصول على الاحتكار والسيطرة على حركة الأسواق, لكن السبب في تكوين طبقة من الجشعين وتجار الأزمة يرجع إلى بعض السياسات والإجراءات التي ربما أدار بعضها الفساد, كذلك الارتجالية الإدارية والتلكؤ في التطبيق, بالإضافة إلى عدم التنسيق بين الجهات وإهمال الواجبات.
العلاج مركب؟!
ولفت كوسا إلى أن البعض يضع الحق على المواطن ويطالبه بالمقاطعة, ولكن مؤسسات التدخل الإيجابي لم تتدخل بالنظر إلى أسعار السلع وانتشارها الجغرافي أو بالكميات والاستجابة للطلب الحقيقي, لذا فإن المواطن ليس بإمكانه مقاطعة المحتكرين والجشعين, مشيراً إلى أن العلاج مركب ويحتاج إلى جهد وخصوصاً لإعادة الإنتاج ودوران الاقتصاد, ولكن في ظل الإمكانات الموجودة فإننا نحتاج إلى تشريع سريع في تطبيق العقاب وزيادة التدخل الإيجابي وتصحيح العمل.
لا أزمة
من جانبه رفض مدير فرع غاز دمشق وريفها منصور طه أن يسمي ما يحصل بالأزمة, بل هي مجرد زيادة طلب على المادة بسبب التدفئة في ظل غياب المازوت وانقطاع الكهرباء مما شكل عبء على الكمية المخصصة, لذا يجب أن تضع الحكومة خطة لزيادة هذه الكميات, مشيراً إلى أننا الآن نشهد انفراج واضح في تأمين مادة الغاز لمواطنين وخاصة بعد زيادة الكميات الموزعة في القطر نتيجة عقود خارجية, مما أدى إلى زيادة الكميات إلى حوالي 160ألف أسطوانة يومياً في القطر ففي دمشق وريفها يوجد 45 ألف أسطوانة على الأقل.
إجراءات عديدة
كما أشار طه إلى عدة إجراءات يقام بها لمكافحة تجار الأزمة وخاصة فيما يخص موضوع الغاز نتيجة توجيهات حكومية بتشديد الرقابة على توزيع الغاز من جهة التوزيع وإرفاق الكميات من وحدات التعبئة إلى مراكز البيع بالشرطة والأمن الجنائي لضمان أن الكميات وصلت إلى وجهتها, كما تم توجيه الوحدات الإدارية بتوزيع الاسطوانات بموجب قوائم اسمية للمواطنين بحث يحصل كل مواطن على اسطوانة واحدة, بإشراف لجان التوزيع, ونوّه طه بأنه تم توجيه التموين بجولات يومية ومفاجئة لمنع الاحتكار وعدم البيع بسعر زائد ومراقبة التوزيع, لافتاً إلى مئات الضبوط تم تنظيمها هذا الأسبوع لتحويل بعض الأشخاص إلى القضاء المختص بسبب قيامه باحتكار المادة وعدم توزيعا للمواطنين أو البيع بسعر زائد, كما أكد طه بأنه يتم توزيع الاسطوانات الصناعية إلى الفعاليات التجارية وأصحاب المطاعم وإلزامهم بها ومنعهم من استخدام الأسطوانة المنزلية حرصاً على تزويد كافة المخصصات المنزلية للمواطن.
ومن جانب آخر أشار مصدر مسؤول في دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى أن التموين يقوم يومياً بجولات على باعة الغاز ومراقبة الأسعار لتطبيق العقوبة المناسبة على البائع الذي يبيع بأسعار مرتفعة.
بانوراما طرطوس- سنسيريا