بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
لم تشهد أسواق طرطوس حملة تموينية مشددة كمثل الحملة التي تشهدها حالياً تنفيذاً لقرارات الحكومة ووزارة التجارة الداخلية بمحاربة التهريب والسلع مجهولة المصدر… حيث تقوم دوريات حماية المستهلك بجولات مكثفة على مختلف الأسواق والمحال التجارية بحثاً عن هذه المواد وتنظيم الضبوط الفورية بحق المخالفين ومصادرة البضاعة وإغلاق المتجر لمدة شهر كامل.. وهي عقوبة استثنائية بموجب تعميم وزير التجارة الداخلية رقم /397/ تاريخ 8-7-2018 والتي يمكن وصفها بالقوية قياساً بالعقوبات المعمول بها بموجب قانون التموين والتي تقتصر على تنظيم ضبط عادي والمصالحة عليه بغرامة قيمتها /25 ألف ليرة سورية/ فقط لاغير…
من الطبيعي أن نكون ضد ظاهرة التهريب وضد دخول أية سلعة مجهولة المصدر إلى البلد بطريقة غير شرعية مهما كان نوعها أو مصدرها وخصوصاً المواد الغذائية.. ونحن مع الإجراءات المتخذة في التشدد وقمع هذه الظاهرة .. ونحن ايضا مع التدابير المتخذة لحماية الصناعة الوطنية ودعمها وتشجيعها … ولكن لدينا بعض التساؤلات التي قد تتعارض “فعلياً ومنطقياً” مع السياسة العامة المتبعة في مواضيع الاستيراد والتهريب والاحتياجات الفعلية للسوق المحلية والعادات الاستهلاكية وما إلى ذلك …. فقبل العام 2010 كان مسموحاً استيراد كافة المنتجات وكانت الصناعة الوطنية تمر بمرحلة انتعاش ونمو واضح… ومع بدء الأزمة تم اتباع سياسة تقشف اقتصادي وتم تقييد حركة الاستيراد ومُنع استيراد الكثير من المواد والسلع ضمن سياسة ترشيد اقتصادية معروفة، وقد حققت هذه السياسة نتائج جيدة بالحفاظ على مستوى معين من مخزون القطع الأجنبي وحماية الليرة من الانهيار.. إلا أن التهريب استمر في تغطية احتياجات الأسواق من المنتجات والسلع غير المنتجة محلياً والتي توقف استيرادها في ظل شبه التغاضي عنها وعدم التشدد في محاربتها بشكل جدي… وهذه السلع تشمل مواد غذائية وألبسة ومستلزمات صناعية وزراعية واستهلاكية متنوعة.. وكانت الشريحة “المرتاحة مادياً ” هي المستفيدة من هذه السلع المهربة ومثال ذلك الألبسة الأجنبية التي لم تخلو الأسواق منها رغم منع استيرادها وبقيت تدخل عن طريق التهريب لتلبي احتياجات هذه الشريحة التي لا تقبل ارتداء ألبسة محلية الصنع والأمثلة كثيرة ماثلة أمام أعيننا.. وهنا نحن لسنا معنيين في العادات الاستهلاكية للناس وأنماط حياتهم وتفكيرهم وهذا الأمر شخصي، ولكن ما نود التنويه عليه أن هذا المثال الذي أوردناه هو لتبيان وجود ثغرة في الإجراءات المتخذة في موضوع قوائم السلع المسموح استيرادها، وضرورة أن تكون هذه القوائم موضوعية ومدروسة بشكل جيد وبناء عليه يبدأ من عندها موضوع محاربة التهريب… وحينها من المؤكد أن التاجر لن يكون مضطراً لاقتناء سلعة مهربة في حال توفر البديل المستورد أو المصنع محلياً بالجودة والسعر والتصميم المناسب…
هذه النقطة بالذات هي بيت القصيد ونقطة التلاقي ما بين المواد المهربة وبين احتياجات السوق وتلبية أذواق المستهلكين واعتقد أن البدء في معالجة هذا الموضوع يجب أن يشكل أولوية على المستوى الحكومي ومن بعدها يصار إلى التشدد في موضوع المواد والسلع المهربة داحل المحلات التجارية…
وبالعودة إلى موضوع حملة التموين الحالية… وبعد اعتراضات ونداءات ومناشدات التجار بخصوص العقوبات المتخذة بحقهم … اجتمع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي مع إدارة غرفة تجارة وصناعة طرطوس وأكد بأن الحملة على المواد مجهولة المصدر مستمرة ولن يتم التساهل بهذا الموضوع مضيفاً أن هناك بعض الحالات الخاصة لدى التجار ممن كان لديهم كميات قليلة سيتم مناقشتها مع غرف التجارة ومديريات التجارة الداخلية بالمحافظات لإيجاد الحل حسب كل حالة وليس بشكل عام..
التجار أبدوا تفاؤلاً وارتياحاً بعد اللقاء مع الوزير الغربي حيث أكد السيد كفاح قدور أمين سر غرفة تجارة وصناعة طرطوس أن الغرفة أعلمت الوزير بأن العقوبة كانت قاسية ومجحفة بحق التجار مع الطلب أن تكون العقوبة غرامة مادية فقط، مضيفاً أن السيد الوزير وعد بدراسة وضع الضبوط التي نظمت وفقاً للمقترحات المقدمة من قبل الغرفة أملاً بفتح المحلات المعاقبة مع التعهد بعدم حيازة أي سلع مجهولة المصدر… والذي يبقى مجرد اقتراح للدراسة حتى الآن..