بانوراما سورية- عبد العزيز محسن:
يتفق الجميع على أن العام 2020 كان من أصعب الأعوام التي مرت على السوريين منذ عقود طويلة.. وحتى خلال ذروة الحرب الإرهابية لم تشهد البلاد مثل هذه الأزمات الاقتصادية والمعيشية والخدمية التي أثرت بشكل كبير على الدولة بشكل عام وعلى غالبية المواطنين السوريين..
طبعا الأسباب معروفة وتتلخص باشتداد الحرب الاقتصادية على سورية وزيادة حجم العقوبات والضغوطات الدولية على الاقتصاد السوري، بالتوازي مع استمرار الاحتلال الامريكي على مناطق شرق الفرات ومنع الدولة السورية من الاستفادة من غالبية مواردها النفطية والزراعية وخصوصاً القمح والقطن وهما المحصولان الاستراتيجيان الرئيسيان في الاقتصاد الزراعي السوري.. وهذه الأمور بمجملها أدت -بطبيعة الحال- إلى ما نحن عليه اليوم من واقع في غاية الصعوبة.. يضاف إلى ذلك أسباب أخرى كضعف الأداء في الكثير من الوزارات والجهات العامة وترهل وفساد القائمين عليها وعدم وجود إدارات ذات كفاءة تتناسب مع المرحلة والظرف الصعب والدقيق الذي نمر به..
هذا الواقع –للأسف الشديد- مرشح للاستمرار في العام الجديد في حال استمرت الإدارة الأمريكية في حربها الاقتصادية وضغوطاتها وعقوباتها على الشعب السوري وفي دعمها للتنظيمات المسلحة في الشرق والشمال السوري.. وفي المقابل تحاول الحكومة السورية العمل على تعزيز سياسة الاعتماد على الذات وتنمية الموارد المحلية والتخفيف من الاعتماد على المستوردات من الخارج قدر الإمكان، ووضعت لتحقيق ذلك برامج وخطط لدعم وتشجيع الانتاج الزراعي والصناعي المحلي، والتي قد تحتاج وقتاً إضافياً لتعطي ثمارها ونتائجها إلا أنها-أي الحكومة- مقتنعة ومتأكدة – ونحن مقتنعون معها- بأن ذلك هو الحل الأنسب وربما الوحيد للتخفيف من وطأة الحصار وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي شيئاً فشيئاً ريثما تعود السيادة السورية على كامل الأرض السورية ويعود معها الخزان النفطي المصادر والسلة الغذائية المسلوبة.. وحينها فقط سينعكس على الحالة الاقتصادية للبلد ويتحسن وضع الليرة ويستقر سعر صرفها على نحو إيجابي..
والمطلوب اليوم من أصحاب القرار مراجعة دقيقة ومستمرة لقائمة العمل والمهام والأولويات، فما كان صالحاً وصائباً منذ شهر واحد قد لا يكون مناسباً اليوم في ظل هذه الأحداث والتغيرات الدراماتيكية المتسارعة وخصوصاً في المجال الاقتصادي والمعيشي والخدمي.. بالتوازي مع البحث عن أفكار ومشاريع وبرامج من شأنها تحسين معيشة الناس والتخفيف قدر الإمكان من معاناتهم، والمطلوب ايضا التركيز على حث رجال الأعمال وأصحاب الفعاليات الصناعية والتجارية والقطاعات الأهلية على تعزيز دورهم الإنساني والتنموي في المجتمع وزيادة مساهماتهم في برامج التكافل الاجتماعي ضمن ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال نحو أبناء بلدهم وخصوصاً في أوقات الأزمات والتي لا تزال مساهمات قاصرة جداً..
أخيراً.. يجب علينا عدم التخلي عن سلاحي العمل والأمل معاً في مواجهة ظروفنا الصعبة.. ويجب أن نبقى متفائلين بالغد القادم وبعيدين عن التشاؤم واللغة السلبية المحبطة.. ولتكن ثقتنا كبيرة وأملنا راسخ بأن هذه الغيمة السوداء التي تلبد أجواءنا ستنقشع وستشرق شمس الحق والخير والعدالة على أرجاء بلدنا الغالي…
وكل عام وانتم وسورية الحبيبة بألف خير..