يصادف اليوم 2 تشرين الثاني من هذا العام ذكرى وعد بلفور 2 تشرين الثاني لعام / 2017 /، يوم وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وتقاسم المنتصرون تركة الإمبراطورية العثمانية، وسارع وزير الخارجية البريطاني / أرثر بلفور / في 2 تشرين الثاني عام / 1917 / إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني أحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد، تتضمن منح اليهود جزءا كبيرا من فلسطين، لإقامة دولة يهودية عليها، ونص الرسالة يقول: عزيزي اللورد روتشيلد… يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح الآتي والذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها، إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وسوف تبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، وسأكون ممتنا لكم إذا أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا البيان / أرثر بيلفور.
وقد ساهمت هذه الرسالة في تشجيع يهود القارة الأوربية على الهجرة إلى فلسطين خلال الفترة مابين الحرب العالمية الأولى والثانية، ومن تشكلت الدولة الاسرائلية، ونالت اعتراف العديد من الدول وحازت عضوية الأمم المتحدة، وأعقب ذلك جولات حروب انتصار للدولة الاسرائلية في أعوام / 1948 – 1956 – 1967 / ، إلى أن جاءت حرب تشرين التي كانت نتائجها مختلفة، إذ تحقق انتصارا كبيرا لصالح سورية ومصر على إسرائيل، ومن ثم حرب عام / 2000 / التي انتهت بانتصار المقاومة اللبنانية على اسرائيل ومن ثم حرب أيار عام / 2006 / التي كانت انتصارا للمقاومة اللبنانية ومن ثم حرب غزة عام / 2009 / التي كانت انتصارا للمقاومة الفلسطينية، وما تلاها من حروب انتصار للمقاومة، آخرها مواجهة غزة للعدوان الإسرائيلي، ودائما كان لسوريا دورا مشاركا أو داعما كبيرا في جميع هذه الحروب، وأما اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وتطبيع بعض دول الخليج، فمآله للسقوط لا حقا بجهود المقاومة البطلة الصامدة للشعب العربي الفلسطيني شعب الجبارين كما وصفه القرآن الكريم ولو بعد حين، ووقوف العرب الأخيار والأجانب الأحرار مع حق هذا الشعب.
لقد نصت أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحزب، وقال القائد الخالد حافظ الأسد : قضية فلسطين كانت محور نضالنا كحزب وكقطر منذ كانت فضية فلسطين، وكانت محور النقاش في كل مؤتمراتنا بدون استثناء، الأمر الذي يصح معه أن نقول إن كل مؤتمر من مؤتمرات حزب البعث العربي الاشتراكي هو مؤتمر فلسطين، فقضية فلسطين هي قضيتنا المقدسة، وسيبقى قطرنا ملاذا وسندا للمقاومة الفلسطينية، يمدها بكل أنواع الدعم ويقدم الدعم للشعب العربي الفلسطيني، وهذا موقفنا الثابت الذي لا يقبل تبديلا ولا تغييرا، إن القضية الفلسطينية كانت قضية الشعب العربي السوري بكامله، قبل أن تكون قضية أية منظمة فلسطينية، وقبل أن تظهر على الوجود أية منظمة من منظمات الثورة الفلسطينية، والقضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية، باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني، والفلسطينيون جزء من أمتنا العربية والقضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعا، وستبقى سورية مع قضية فلسطين، وإلى جانب الشعب العربي الفلسطيني، إلى أن يسترجع أرضه ويقيم دولته وينال حريته.
والرئيس بشار الأسد يقول : فلسطين قضيتنا التي نشأنا وتربينا على الالتزام بها والإخلاص لها، نحن ندعم القضية الفلسطينية، وندعم كل ما يعيد الحقوق للشعب الفلسطيني، ويجب دعم الشعب الفلسطيني من خلال إيجاد السبل الكفيلة بترسيخ وجود هذا الشعب في أرضه وتأمين وسائل صموده، ما تريده سورية هو ما يريده الشعب الفلسطيني نفسه : سلام عادل تعاد فيه الأراضي العربية المحتلة، وتقام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس ويعود اللاجئون إلى أراضيهم.
هذا هو كلام ومواقف الرجال الأخيار الجدير بالاعتقاد والاعتماد، والذي سيكون له النجاح والفلاح، فالحق يعلو ولا يعلى عليه، أما كلام ومواقف الأنذال الأشرار، فسيكون مآلها إلى السقوط والانهيار على يد المقاومين الأبرار، المباركين من الواحد القهار العزيز الجبار، ولا يظنَّن أحد أن تكاتف الظالمين رغم قوتهم سيقوى على تكاتف المظلومين رغم ضعفهم، فديار الظالمين خراب ولو بعد حين، ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون “.
2 تشرين الثاني 2021 عبد اللطيف شعبان