بانوراما سورية- عبد العزيز محسن
استضافت محافظة اللاذقية أمس اجتماعاً حكومياً “رفيع المستوى” لمناقشة الاجراءات الحكومية المقترحة لتسويق موسمي الحمضيات وزيت الزيتون ولمنع حدوث اختناقات أو مشكلات في تصريف الانتاج.. وما رشح عن الاجتماع يوحي بأن الأمور ستسير على خير ما يرام “نظرياً”، حيث اعدت وزارة الزراعة ورقة عمل تضمنت توزيع المهام فيما بين الجهات والوزارات المعنية بهذين المحصولين لضمان عدم حدوث فوضى او تقصير لأي جهة في عمليات التسويق.. في حين أكد رئيس الحكومة أن عملية تسويق الحمضيات ستسير هذا الموسم بوتيرة افضل مما كانت عليه في العام الماضي، أما على صعيد زيت الزيتون فكشف المهندس عرنوس عن فتح باب التصدير للفائض عن الاستهلاك المحلي..
وتعليقنا حول ما جرى أمس نلخصه بمايلي: اولاً.. بالنسبة لزيت الزيتون.. تبلغ تقديرات إنتاج زيت الزيتون حوالي 125 طن منها حوالي 80 ألف طن حاجة الاستهلاك المحلي وحوالي 45 ألف طن متاحة للتصدير…. ومن المهم الإشارة إلى أنه لم يكن لدينا بالأساس أزمة في تسويق هذا المنتج الزراعي الهام، وليس هناك أي تخوف من قبل المنتجين بخصوص عمليات التصريف رغم وفرة وغزارة الانتاج هذا العام والسبب يعود الى إمكانية تخزين الزيت لفترات طويلة في المنازل او المعاصر او شركات التعبئة وبدون تكلفة وبدون اية مخاطر محمتلة.. ومع فتح باب التصدير لكميات محدودة فلن يؤثر كثيراً على المنتج أو المستهلك في سوق العرض والطلب.. ولكن وبنفس الوقت ومن وجهة نظر موضوعية يبقى التصدير حاجة وطنية واقتصادية عليا شريطة عدم تأثيره على استقرار السوق المحلية.. وطالما تحدثنا عن التصدير لا بد أن نتطرق الى موضوع جودة الزيت المراد تصديره، والخوف من تكرار التجارب السابقة بمحاولة بعض اشباه التجار التلاعب والغش وتصدير زيت زيتون لا يتمتع بالجودة والمواصفات القياسية العالمية المطلوبة في الاسواق الخارجية المستهدفة.. وهذا ما يجب ان تهتم به الحكومة وتراقبه بشكل دقيق ومستمر لإعادة الثقة الى سمعة زيت الزيتون السوري التي تم الإساءة إليها بشكل كبير في السنوات الماضية..
اما بخصوص محصول الحمضيات.. فلسوء الحظ نحن امام تراجع مخيف في حجم الانتاج من جميع الأصناف، حيث قدرت وزارة الزراعة انتاج هذا العام بحوالي 640 الف طن في محافظتي اللاذقية وطرطوس، من بينها حوالي 450 ألف طن للاستهلاك المحلي و حوالي 150 ألف طن متاحة للتصدير … هذه الارقام أقل ما يقال عنها انها متواضعة مقارنة بما كانت عليه في السنوات السابقة حينما كان يتجاوز الانتاج السنوي المليون ومئتي الف طن… إذا نحن اليوم -وبغض النظر عن موضوع التسويق- امام مشكلة في حدوث تراجع خطير في الانتاج عاماً بعد عام.. صحيح أن الكثير من الفلاحين عزفوا عن هذه الزراعة واقتلعوا اشجار الحمضيات في بساتينهم واستبدلوها بأشجار زيتون او انواع اخرى او استثمروها في زراعات اخرى بديلة اكثر جدوى..، إلا أن ذلك يعني اننا امام سيناريو يقودنا الى الاسوأ على صعيد مستقبل هذه الزراعة المنتشرة في المنطقة الساحلية فقط.
خلاصة الحديث.. يجب على الحكومة ان تهتم اولاً وقبل اي شيئ بتقديم الدعم الحقيقي للقطاع الزراعي الذي يشكل عصب الاقتصاد الوطني من خلال دعم مستلزمات الانتاج وتخفيض التكاليف وتوفير مستلزماته من اسمدة وبذار ومبيدات ومحروقات وبأسعار مدعومة وميسرة.. فما نشهده اليوم من فوضى وعشوائية في اتخاذ القرارات لا يوحي ابداً بأي دعم حكومي لهذا القطاع على الإطلاق!!.. وبالتأكيد هذا الأمر يلحق الضرر الأكبر بالاقتصاد الوطني ويدفع ثمنه باهظاً كل من الفلاح والمستهلك على حد سواء..
ونعود لموضوع “الاستنفار” الوزاري لدعم تسويق الحمضيات لهذا الموسم ولنسجل للحكومة مبادرتها الاستباقية “وهذا واجبها” لمنع حدوث اختناقات وخسارات كبيرة للمزارعين كما حصل في الأعوام الماضية، ولكننا بنفس الوقت نناشدها لتنفيذ تعهداتها بما يخص تقديم الدعم الحقيقي لاستمرارية وديمومة قطاع الحمضيات بشكل خاص كي لا نتحول من الوفرة في الانتاج الى الندرة وربما في الحاجة الى الاستيراد لسد الاحتياحات المحلية لا سمح الله..