بانوراما طرطوس- عبد العزيز محسن:
مكافحة التهريب وتحصين الأسواق ومنع دخول البضائع إلى البلاد بطرق غير شرعية يجب أن يكون من أولويات الحكومة لما لهذا الجانب من اهمية كبيرة على صعيد ضبط الأسواق وحمايتها من المنتجات غير المراقبة والتي قد تسبب ضرراً كبيراً وخصوصاً المنتجات الغذائية والأدوية وغيرها، كما لا يخفى على أحد أن دخول البضائع المهربة يضيع على الخزينة أموالاً طائلة يمكن أن تحصل عليها الدولة من خلال جمركة هذه البضائع واستيفاء الرسوم المالية الموازية لهذه العملية حين دخولها بالطرق الشرعية..
ورغم أن الحديث عن قطاع الجمارك هو حديث ذو شجون ويثير الظنون والشكوك إلا أن موضوعنا هنا يتعلق بجانب محدد وهو موضوع دخول الضابطة الجمركية إلى داخل الأسواق والمحلات التجارية والشكاوى الكثيرة حول تصرفات وتجاوزات بعض عناصرها والتي يشتكي بعض التجار من تعرضهم للإساءة والابتزاز وتضخيم الأمور… وبالتأكيد الكثير من هذه الشكاوي هي محقة وهذا الأمر معروف للقاصي والداني وباعتراف القائمين على هذه الأجهزة الذين أقروا بوجود حالات فساد وبحدود معينة.. ولكن الأمر الاكثر اهمية الآن يكمن بحديث الكثير من الصناعيين والتجار عن “عدم شرعية” دخول عناصر الضابطة الجمركية إلى الأسواق.. وخصوصاً أن هذا الدخول هو دخول “مدجج ومخيف” في الكثير من الأحيان وبأساليب غير لائقة وغير حضارية معتبرين أنه من الأولى أن تتواجد هذه القوة وهذه الدوريات بالقرب من المنافذ الحدودية والطرق التي يسلكها المهربين وليس ضمن الأسواق والمحلات التجارية..
واليوم وبعد أن كثرت الشكاوي وارتفعت حدة الأصوات المنددة بهذه التصرفات تدخل مجلس الوزراء بجلسته بالأمس لمعالجة هذه الظاهرة ولكنه لم يقرر إنهاء هذا التدخل بل ترك الباب مفتوحاً لإيجاد حلول مناسبة يقررها اجتماع موسع لممثلي الجهات التي لها علاقة بهذا الموضوع وهي وزارات المالية والاقتصاد والتجارة الداخلية بالإضافة إلى ممثلي الفعاليات التجارية… وبغض النظر عن المقترحات والنتائج التي سيسفر عنها هذا الاجتماع المنتظر إلا أنه من الضروري العمل على إيجاد صيغة عمل ورؤية جديدة لعمل ومهام الضابطة الجمركية بشكل عام.. فالتجاوزات ليست محصورة فقط بعناصرها داخل الأسواق والمحلات بل هناك شكاوي كثيرة من أصحاب البضائع المحلية التي يتم نقلها بين المحافظات حول التصرفات المسيئة للكثير من دوريات الضابطة الجمركية المنتشرة على الأوتوسترادات والطرق العامة والأمر ليس سراً وهو معروفاً للجميع… لذلك من الضروري على الحكومة مجتمعة ولوزارة المالية والمديرية العامة للجمارك العمل على الحد من هذه التصرفات والتي تسيئ بالدرجة الأولى للجمارك والعاملين في هذا القطاع الحيوي الهام والذي يجب ان يقوم بدوره على أكمل وجه في تأمين إيرادات مالية للدولة ويحافظ على نظافة أسواقنا من المنتجات والسلع المهربة..وبالتالي يتحقق مضمون شعارها “الجمارك في خدمة الاقتصاد” وليس خدمة أي شيئ آخر..